كلمة في اجتماع المصالحة اللبنانية

في العام 1975م اندلعت الحرب الأهلية في لبنان وسعت المملكة انطلاقا من اهتمامها بالأشقاء العرب وبما يربط بينها وبين لبنان وشعبه من علاقات وطيدة إلى تقريب وجهات النظر بين الأطراف المتحاربة في لبنان حرصاً على وحدة هذا البلد العزيز واستقلاله ورخائه .
وعندما تم تشكيل لجنة المتابعة العربية التي كلفت بالسعي لتحقيق الوفاق في لبنان اختيرت المملكة عضواً في هذه اللجنة .
وشهدت المشكلة اللبنانية تعقيدات عبر سنواتها الطويلة وفي مقدمتها الاعتداءات الإسرائيلية على لبنان وبخاصة ذلك الاعتداء السافر على بيروت وعلى الجنوب اللبناني العام 1981م وعلى هذا الصعيد بادرت المملكة إلى الاتصال بالمجتمع الدولي وسعت من خلال علاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية إلى رفع ما وقع على لبنان حيث تم التوصل إلى وقف الغارة الإسرائيلية على العاصمة اللبنانية وعلى الجنوب .
وفي العام 1409هــ اختار مؤتمر القمة العربي الطارىء الذي عقد في الدار البيضاء خادم الحرمين الشريفين لعضوية اللجنة الثلاثية العربية العليا وخولها إيجاد حل للمشكلة اللبنانية مع شقيقيه عاهل المغرب الملك الحسن الثاني والرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد ، وقد حققت اللجنة بجهود متواصلة وقف القتال بين الأطراف اللبنانية . ثم تبع ذلك عقد اجتماع للبرلمانيين اللبنانيين في عام 1410هـ بمدينة الطائف لقناعتهم بأن وجودهم في المملكة يوفر لهم جواً منسباً للحوار والنقاش وبالتالي توصل البرلمانيون إلى وثيقة الوفاق الوطني التي كان أهم بنودها نقل السلطة من رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء وأن يتم خلال ستة أشهر بعد تشكيل الحكومة الجديدة إلغاء الميليشيات في البلاد وتقوية الجيش اللبناني وأن يقوم الجيش السوري بالمساعدة في هذه العملية ، وتواصل الحكومة اللبنانية خطواتها في سبيل تنفيذ وثيقة الوفاق الوطني التي أصبحت تعرف باسم وثيقة الطائف .
ولم يغب عن بال خادم الحرمين الشريفين ما يعانيه لبنان بعد خروجه من أزمته التي دامت قرابة ستة عشر عاماً وما خلفته من خراب ودمار فإلي جانب دعم المملكة للاقتصاد اللبناني بتقديم المعونات والمساعدات المالية والعينية قدم حفظه الله اقتراحاً للقمة العربية الطارئة التي عقدت في العام 1410هــ ببغداد بإنشاء صندوق دولي لمساعدة لبنان ووافق على إنشائه القادة العرب، وقد بذلت المملكة ولا تزال جهوداً حثيثة لدى المجموعة الدولية للإسهام بصورة فعالة في جهود إعادة إعمار لبنان عبر هذا الصندوق .
|