.لخادم الحرمين الشريفين دور بارز في دعم القضية الفلسطينية انطلاقاً من موقف المملكة العربية السعودية الثابت والمستمر في دعم الحقوق العربية منذ عهد الملك عبدالعزيز رفضاً للعدوان المستمر الذي تمارسه إسرائيل والسياسة العنصرية التي تنتهجها والمتمثلة في الاعتداء على شعب آمن ومستقر في وطنه الطبيعي واستباحة أرضه وممتلكاته وكذلك استهتارها الدائم بالمبادىء والقيم الإنسانية ونشرها للمستوطنات وتشريدها للفلسطينيين واحتلالها لأراضي دول عربية
وفي إطار جهود خادم الحرمين الشريفين في دعم القضية الفلسطينية ونيل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني قدم حفظه الله تصوراً للتسوية الشاملة العادلة لمشكلة الشرق الأوسط وهو تصور يتكون من ثمانية مبادىء عرف باسم ( مشروع الأمير فهد للسلام ) وقد أطلق على تلك المبادىء فيما بعد (مشروع السلام العربي) بعد أن تبناها وأقرها مؤتمر القمة العربية الثاني عشر الذي عقد في مدينة فاس المغربية في العام 1402هـ / 1982م
وتمثلت في خطة السلام عدة مبادىء هي :
1 – إزالة المستوطنات التي أقامتها إسرائيل في جميع الأراضي العربية المحتلة في العام 1967م بما في ذلك القدس العربية.
2 – انسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية المحتلة العام 1967م .
3 – ضمان حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية لجميع الأديان في الأماكن المقدسة .
4 – تأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة وتعويض من لا يرغب في العودة.
5 – خضوع الضفة الغربية وقطاع غزة لفترة انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة ولمدة لا تزيد على بضعة أشهر .
6 – قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس .
7 – تأكيد حق دول المنطقة في العيش بسلام .
8 – قيام الأمم المتحدة أو بعض الأعضاء فيها بضمان تنفيذ هذه المبادىء .
لقد جاءت مبادرة ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير فهد وقتها تعبيراً دقيقاً عن محورات السياسة السعودية ورؤيتها للسلام العادل والشامل في الشرق الأوسط والمبني على قرارات الشرعية الدولية والانسحاب الإسرائيلي من جميع الأراضي العربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس كما جاء مشروع السلام العربي كموقف عربي مشترك في إطار سياسة عربية متكاملة برزت وسط التحديات الشرسة التي تواجه دول المنطقة فوضع هذا المشروع إطاراً واضحاً للعمل لأنه يشكل برنامجاً متكاملاً للتصور العربـــي
لمفهوم السلام في منطقة الشرق الأوسط ويضبط استراتيجية العمل العربي ويؤكد رغبة العرب بالاستمرار في العمل السياسي مع القوى الدولية ولتفتح أمام الجميع أفاقاً جديدة ليتحرك المجتمع الدولي على أساسها وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
وتدرك المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين أن من الضمانات الأكيدة لدفع عملية السلام في الشرق الأوسط تحمل الدول المحبة للسلام في العالم مسؤولياتها تجاه إسرائيل والضغط عليها وحملها على قبول السلام العادل والمنصف الذي يعطي الأخوة الفلسطينيين الحق في تقرير مصيرهم وحقهم في إقامة دولتهم المستقلة بما في ذلك عاصمتها القدس وإعادة الأرض العربية إلى أهلها وضمان حق الجميع في العيش بسلام .
ويعد مؤتمر مدريد للسلام في العام 1990م واتفاقيات أوسلو في العام 1993م التي وقعها الفلسطينيون مع الإسرائيليين وما جاء بعدها من اتفاقيات فالمملكة العربية السعودية ترى أن الحل في الانسحاب الكامل وإعطاء الفلسطينيين حقوقهم ورفض كل المساومات التي لا تضمن للدول العربية حقوقها ورفض المحاولات الإسرائيلية لتهويد القدس وطمس معالمها .
وعندما تنكرت إسرائيل لاتفاقيات السلام مع الفلسطينيين ومحاولاتها لتبديل الأسس التي قامت عليها عملية السلام في مدريد( مبـدأ الأرض مقابل السلام) واستمرارها في إجراءاتها التعسفية ضد الفلسطينيين وتوسعها في المستوطنات كان الرد السعودي حاسماً بمقاطعة المؤتمر الدولي الاقتصادي بالدوحة الخاص بالشرق الأوسط في نوفمبر 1997م .
ولا تزال جهود المملكة على المستوى السياسي والدبلوماسي تعكس حرص القيادة السعودية الشديد على سيادة السلام في الشرق الأوسط واستعادة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني .
كما قدمت حكومة المملكة العربية السعودية مساعدات سخية للحكومة والشعب الفلسطيني الشقيق وقوفاً إلى جانبه في محنته ونضاله من أجل استرداد حقوقه المشروعة ، بلغت 9ر8 مليارات ريال سعودي حتى الآن .
كما بلغت تبرعات المملكة المعلنة في المؤتمرات الدولية لدعم السلطة الفلسطينية في إطار ما تقرر تقديمه للسلطة بعد مؤتمر مدريد مبلغ ألف ومائتين وخمسين مليون ريال أي ما يعادل 300 مليون دولار أمريكي 0
وفي إطار دعم المملكة المتواصل للقضية الفلسطينية اقترحت المملكة العربية السعودية في مؤتمر القمة العربي الطارىء المنعقد في القاهرة في أكتوبر 2000م إنشاء ” صندوق انتفاضة القدس ” بموارد قدرها 200مليون دولار حصة المملكة منها 50 مليون دولار للإنفاق على أسر شهداء الانتفاضة
التي اندلعت في الأراضي الفلسطينية في سبتمبر 2000م ، كما اقترحت إنشاء ” صندوق الأقصى ” بموارد قدرها 800 مليون دولار حصة المملكة منها 200 مليون دولار لتمويل مشاريع تحافظ على الهوية العربية الإسلامية للقدس ، وقد أخذ الاقتراحان طريقهما إلى التنفيذ لتحقيق الأهداف التي قاما من أجلهما0
واستمر الدعم المالي من المملكة للشعب الفلسطيني في محنته الأخيرة ، فاشتمل على مساعدات متنوعة على المستوى الثنائي المباشر ، ومن ذلك تحويل مبلغ 30 مليون دولار إلى السلطة الفلسطينية وتحويل مبلغ 10 ملايين دولار للسلطة الفلسطينية في شهر فبراير 2001م ، وأدوية بقيمة حوالي 3ر11 مليون ريال وإرسال طائرات طبية مع أطقمها الطبية لنقل 105 حالات من المصابين الفلسطينيين ومعالجتهم في مستشفيات المملكة .
وإضافة للدعم الحكومي فقد وجه خادم الحرمين الشريفين في 13 رجب 1421هـ بفتح الباب للتبرعات الشعبية لكي تساهم في دعمها لنضال الشعب الفلسطيني الذي أبرز تجاوب الشعب السعودي غير المحدود والمنطلق من شعوره بروابط الأخوة العربية والإسلامية مع الشعب الفلسطيني ، ويتواصل الدعم الشعبي بمختلف الأشكال من خلال اللجنة السعودية لدعم انتفاضة الأقصى والتي يتولى الإشراف العام عليها صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية حيث بلغ إجمالي ما قدمته اللجنة أكثر من 160 مليون ريال حتى صفر 1422هـ خلال التبرع السخي للمواطنين والمقيمين عن طريق مكاتب اللجان المحلية والفرعية بمناطق المملكة ومحافظاتها ويتم صرف مساعدات لأسر شهداء الإنتفاضة والمصابين والمعاقين والأسر الفلسطينية وأصحاب المساكن المهدمة والمزارع المجرفة جراء العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني .
كما يتواصل الدعم والمساندة للشعب الفلسطيني عبر اللجنة الشعبية لمساعدة الشعب الفلسطيني برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض عبر دفعات نقدية متوالية يتم إيرادها لمنظمة التحرير الفلسطينية .
وتبنت المملكة قضية القدس ووقفت بكل صلابة في مواجهة المؤامرات الصهيونية ضد تلك المدينة عن اقتناع راسخ بأن القدس هي صلب القضية الفلسطينية التي هي محور الصراع العربي الإسرائيلي ، فقامت المملكة بجهود مكثفة على مختلف الأصعدة من أجل القدس وتعاونت في هذا الشأن مع الدول الإسلامية حتى صدر قرار مجلس الأمن رقم 487 في العام 1980م الذي يطلب من جميع الدول التي أقامت بعثات دبلوماسية في القدس بسحبها فوراً وهو القرار الذي أجمعت مختلف الأوساط على اعتباره نصراً للدبلوماسية الإسلامية وإحباطاً لمخطط صهيوني تجاه مدينة القدس 0
وحظي وضع مدينة القدس باهتمام بالغ من خادم الحرمين الشريفين الذي تجسد في إصدار توجيهاته الكريمة في العام 1992م بأن تتحمل المملكة كل نفقات إصلاح وترميم المساجد بمدينة القدس .
وكانت المملكة في طليعة الدول التي اعترفت بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة فور إعلانها في العام 1988م وأقامت سفارة فلسطينية في المملكة وقدمت مبنى السفارة الفلسطينية في العاصمة الرياض هدية للشعب الفلسطيني.
|