امتداداً لحرص جلالة الملك عبدالعزيز رحمه الله على الحفاظ على الصورة التي قامت على الدولة وعدم اندثار علم جهادها وسجل كفاحها ، رأت القيادة الحكيمة أن يتم تطوير مكتب الجهاد والمجاهدين إلى صيغة عصرية فصدر الأمر الملكي في العام 1374هـ ، بتشكيل الحرس الوطني في سائر أنحاء المملكة ، وخصصت له ميزانية مستقلة ، كما صدرت الأوامر واللوائح المنظمة لأعماله .
ويمثل عام 1382هـ منعطفاً مهماً في تاريخ الحرس الوطني حيث بدأت الانطلاقة الكبرى من أجل الانتقال بالحرس الوطني من مجرد وحدات تقليدية من المجاهدين والمتطوعين وثكنات من الخيام إلى مؤسسة حضارية كبرى وصرح عسكري شامخ ، ووجه من وجوه النهضة السعودية ، عبر خطط طموحة طويلة وبرامج وسياسات ومشاريع وخطوات آجلة وعاجلة ، فأعيد تشكيل جهاز الحرس الوطني العسكري والإداري ليصبح أكثر قدرة ومرونة على تحقيق تلك الطموحات التي اتخذت أربعة مسارات :
الأول : توضيح الفكر الموجه للحرس الوطني والقائم على مبادئ العقيدة الإسلامية السمحة .
الثاني : إعادة التنظيم الشامل المستمر عمودياً وأفقياً .
الثالث : بناء القوة العسكرية على أحدث تقنيات العصر .
الرابع : الدور الحضاري للحرس الوطني .
وقد شهد المجال العسكري جهوداً واضحة في مجال التطوير والتحديث فتم التوقيع في العام 1394هـ على اتفاقية التطوير مع الجيش الأمريكي والتي حولت الحرس الوطني من أسلحة وتشكيلات تقليدية إلى وحدات عسكرية متطورة وفق أحدث النظريات العسكرية تنظيماً وتسليحاً وتدريباً . وامتداداً لتطوير الجهاز العسكري بالحرس الوطني فقد انتقلت مهام أركان رئيس الجهاز العسكري بالحرس الوطني إلى عدة هيئات رئيسية .
ويعمل الحرس الوطني على تطوير سلاح الإشارة فتم مؤخراً التوقيع على مذكرة تفاهم مع إحدى الشركات البريطانية المتخصصة لتنفيذ مشروع تحديث وتطوير الشبكة الشاملة لاتصالات الحرس الوطني . وكان قد تم التوقيع على اتفاقية مع الحكومة البريطانية في العام 1398هـ تتضمن تقديم أحدث أجهزة ومعدات الاتصالات السلكية واللاسلكية وتدريب الفنيين السعوديين على التشغيل والصيانة .
ويضم الحرس الوطني قاعدة الإمداد والتموين وهي وحدة إسناد متطورة تضم مئات الفنيين السعوديين المؤهلين مع الآليات والمعدات المتطورة لتقوم بواجباتها على الوجه الأكمل عبر مساحة المملكة الشاسعة .
ومنذ إنشاء مدارس الحرس الوطني العسكرية والفنية التي بدأت في العام 1384هـ ، وهي تواكب تطور الحرس الوطني وتسد احتياجاته من الخريجين ، ويبلغ عدد المدارس إحدى عشرة مدرسة .
وتتولى كلية الملك خالد العسكرية تخريج ضباط الحرس الوطني على أعلى درجة من العلم والتخصص ، وهي إحدى صروح الحرس الوطني وواحدة من المنجزات الحضارية . وبدأت الكلية في تخريج الضباط المؤهلين والجامعين منذ العام 1404هـ .
كما قام الحرس الوطني بإنشاء سلاح الفرسان ليتولى الحفاظ على التراث العربي الأصيل المتمثل في بث روح الفروسية .
وبينما يقوم الحرس الوطني في إطار مهمته العسكرية ببناء قواته المسلحة لم يغفل مهمته في المجال الحضاري ، وسارت المهمتان في خطين متوازيين تحقيقاً للنظرة الحضارية الشاملة في إطار العقيدة الصحيحة والشريعة الإسلامية الخالدة . وفي سبيل تحقيق رسالة الحرس الوطني في المجال الحضاري فإن جهاز الإرشاد والتوجيه يعمل على رفع الروح المعنوية وتقوية ولاء منسوبيه لدينهم والعناية ببيوت الله داخل المدن السكنية والمعسكرات والوحدات وتقديم المشورة الشرعية .
كما تصدر مجلة الحرس الوطني شهرياً وهي مجلة عسكرية ثقافية وهي من أهم المطبوعات المتخصصة في العالم العربي ، وتتولى إصدار المجلة إدارة العلاقات العامة بالحرس الوطني . كما ينظم الحرس الوطني سنوياً ( المهرجان الوطني للتراث والثقافة ) . كما يولي اهتماماً بالجانب الرياضي لمنسوبيه .
وعمل في الحرس الوطني على توفير أفضل الوسائل العلاجية والوقائية الحديثة لجميع منسوبيه ، وكان إنشاء الإدارة العامة للخدمات الطبية بداية انطلاقة في المجال الطبي للحرس الوطني ، حيث بلغ عدد المراكز الطبية والمستشفيات أكثر
من 35 مركزاً ، وتم افتتاح مستشفى الملك خالد في جدة العام 1402هـ ، ومستشفى الملك فهد بالرياض العام 1419هـ ، واستحدثت إدارة الطب الميداني ، وأنشئت المدرسة الطبية العسكرية بالحرس الوطني .
ويعد مركز الملك عبدالعزيز الطبي بالرياض أحد الصروح الطبية المتقدمة . كما تم إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للأورام بجدة .
|